الحماسة الدينية الجديدة في مصر تولد عقلية «الجيتو»
السبت أكتوبر 23 2010
منقبات على مدخل جامعة القاهرة
القاهرة-رويترز- تركت موجة من الحماسة الدينية ورد الفعل عليها من جانب الليبراليين العلمانيين بعض المصريين العاديين وقد تولد لديهم شعور بأنهم غرباء في بلادهم ويحذر ناشطون في مجال حقوق الانسان من انسياق ينطوي على خطورة نحو الطائفية.
ويقول المصرفي حسين خليل إن الترتيب لامر بسيط مثل الخروج مساء مع الاصدقاء قد تحول الى صداع.
واضاف خليل البالغ من العمر 27 عاما "الناس اللي في النص الهامش بتاعها عمال بيقل. الشرب (الكحوليات) بقى مقبول اجتماعيا وعلاقات الاولاد بالبنات بقت طبيعية في نفس الوقت اللي انتشر فيه الحجاب وموجة التشدد.
"الناس اللي في النص مش عارفين يعيشوا حياتهم. الناس دول بيواجهوا ضغوط لينضموا الى واحد من النقيضين."
ويستمد النظام القضائي في مصر مصادره من الشريعة الاسلامية رغم وجود اقلية مسيحية كبيرة في البلاد. وتحاول الدولة منذ الاستقلال دعم الهوية الوطنية بالترويج لمبدأ المواطنة الذي يتجاوز الانتماء الديني.
وكان الالتزام الديني يعتبر على نطاق واسع متعلقا بالوازع الشخصي حتى الثمانينات عندما بدأت اعداد متنامية من المصريين الذين يعملون في السعودية الترويج للتفسيرات المتشددة للاسلام لدى عودتهم الى مصر.
واعتاد اغلب المصريين ان يقولوا "العفو" عندما يشكرهم احد لكن ذلك الرد استبدل بعبارة اكثر تقوى وهي "جزاك الله خيرا".
وامتنعت بعض النسوة عن مصافحة الرجال ويقلن ان ذلك محرم. ويقول كثير من العلماء المسلمين إن اسلوب التحية يحدده المجتمع وليس الاسلام.
وكان ارتداء النساء للحجاب امرا نادرا في السبعينات لكنه اصبح شائعا حاليا. كما بات مشهد المنقبات اللاتي يتشحن بالسواد من رؤوسهن حتى اخمص اقدامهن مألوفا في حين تشكو غير المحجبات من تعرضهن للضغط لارتداء الحجاب.
وينتشر ارتداء النقاب بين فقراء المصريين ممن يعد الاحتشام بالنسبة لهم ضرورة في البحث عن زوج او وظيفة.
لكنه محل نزاع مرير بين المصريين الاكثر ثراء. فمؤيدو النقاب يقولون انه علاج لهوس الغرب بجسد المرأة ومفاتنها في حين يقول معارضوه انه رمز لطغيان الرجل.
ويقول طالب جامعي يدعى بلال علاء عمره 21 عاما "النقاب مظهر من مظاهر الانحطاط وعبودية المرأة.
"الاسلاميين خايفين من التطور على قوتهم... عاوزين يأسلموا كل حاجة من السياسة الى اللبس."
ومضى يقول "هو ده اللي الاسلاميين عملوه... بيخلوا الناس تحس انها غلط لو عملت حاجة معينة او علشان لبست حاجة... كدة (على هذا النحو) وقدروا يأثروا على الناس."
وتعارضه في الرأي سارة المشد التي ترتدي النقاب.
وقالت المشد البالغة من العمر 28 عاما وهي ام لثلاثة اطفال وتعمل في مجال العلاقات العامة "النقاب كويس في مجتمعنا. النهاردة الناس فيه بيحكم عليها من شكلها."
ورفعت مجموعة من الطالبات المنتقبات العام الماضي دعوى قضائية ضد مؤسسة تعليمية مصرية بارزة لحظرها دخول المنتقبات قاعات الدرس.
وخلافا لمؤسسات الدولة بدأ الفصل بين الرجال والنساء يظهر مع تنامي شعبية سيارات الاجرة الخاصة بالنساء والشواطئ التي لا يرتادها غيرهن.
وتستبدل بعض المنتقبات في شواطئ النساء بمنتجع مارينا الفخم على البحر المتوسط ملابسهن السوداء بلباس البحر كما يشاركن في حفلات رقص للنساء فقط وفي مسابقات الجمال.
وقالت خديجة سمير وهي محجبة تعمل مساعدة ادارية وتبلغ من العمر 21 عاما ان الشواطئ الخاصة بالنساء "هي الاماكن الوحيدة التي اقدر اروحها واكون على حريتي... ارقص... استمتع وهذا يتماشى مع معتقداتي الدينية."
واضافت "الاماكن اللي فيها اختلاط ممتعة لكن لا اشعر انه صح اني اعمل نفس الاشياء (الرقص وتعرية الجسم) هناك."
واطلقت مجموعة تعرف باسم (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية) حملة مناهضة للطائفية هذا الشهر. وقال منظمون انهم يخشون من "زيادة الانقسامات الاجتماعية والتوتر الطائفي وعقلية تقسم المجتمع الى 'نحن' و 'هم'."
وتقول الامم المتحدة ان عدد الاميين يزيد عن 30 في المئة من سكان مصر البالغ عددهم 78 مليون نسمة ويعيش 20 في المئة منهم على اقل من دولار في اليوم.
وقال المحامي والناشط الحقوقي نجاد البرعي ان تصاعد التيار الاجتماعي المتحفظ يرجع الى تردي الظروف المعيشية وضعف مستوى التعليم وسوء حالة البنية الاساسية للنقل وهي امور افرزت عقلية الجيتو.
وقال البرعي "احنا مش عارفين احنا عاوزين نبقى جزء من العالم المتحضر ولا عاوزين نقفل على نفسنا بحجة الحفاظ على الهوية والدين.
"وهذا اسوأ ما عمله النظام... هو سرق روح الناس وعمل تشوه فكري وثقافي."
واضاف بقوله "المؤسسات الدينية استفادت في المناخ ده... لان مثلا لما لقت (وجدت) هناك بطالة...بدل ما تحارب ده قالت للست (المرأة) اقعدي في البيت."
وتنظر مصر وهي حليف قوي للغرب بعين الحذر للجماعات الدينية المتطرفة منذ اغتيال الرئيس انور السادات عام 1981 على يد متشددين اسلاميين. وحاربت الحكومة تمردا اسلاميا محدود النطاق في التسعينات.
ويمنح قانون الطوارئ المطبق منذ تولي الرئيس حسني مبارك الحكم قبل 29 عاما الحكومة سلطات هائلة لقمع المعارضة وكبح جماح جماعات مثل الاخوان المسلمين اكبر جماعة معارضة في مصر.
لكن المحللين يقولون ان الحكومة لا تبذل جهدا كبيرا لوقف المد المحافظ لانها تستغل الدين نفسه لاكتساب مشروعيتها.
وقال المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح "يوظف بعض الجماعات الاسلامية السياسة والنظام الحاكم الشعارات الدينية لجذب المصريين والتأثير عليهم مع عدم وجود نظام ديمقراطي.
"الدين جزء من اللعبة السياسية في مصر. فمعظم التشريعات مأخوذة من الاسلام... رؤساء مصر على مر العصور استخدموا عبارات اسلامية في خطاباتهم وقت الحروب والازمات للتأثير على الشعب المصري."
السبت أكتوبر 23 2010
منقبات على مدخل جامعة القاهرة
القاهرة-رويترز- تركت موجة من الحماسة الدينية ورد الفعل عليها من جانب الليبراليين العلمانيين بعض المصريين العاديين وقد تولد لديهم شعور بأنهم غرباء في بلادهم ويحذر ناشطون في مجال حقوق الانسان من انسياق ينطوي على خطورة نحو الطائفية.
ويقول المصرفي حسين خليل إن الترتيب لامر بسيط مثل الخروج مساء مع الاصدقاء قد تحول الى صداع.
واضاف خليل البالغ من العمر 27 عاما "الناس اللي في النص الهامش بتاعها عمال بيقل. الشرب (الكحوليات) بقى مقبول اجتماعيا وعلاقات الاولاد بالبنات بقت طبيعية في نفس الوقت اللي انتشر فيه الحجاب وموجة التشدد.
"الناس اللي في النص مش عارفين يعيشوا حياتهم. الناس دول بيواجهوا ضغوط لينضموا الى واحد من النقيضين."
ويستمد النظام القضائي في مصر مصادره من الشريعة الاسلامية رغم وجود اقلية مسيحية كبيرة في البلاد. وتحاول الدولة منذ الاستقلال دعم الهوية الوطنية بالترويج لمبدأ المواطنة الذي يتجاوز الانتماء الديني.
وكان الالتزام الديني يعتبر على نطاق واسع متعلقا بالوازع الشخصي حتى الثمانينات عندما بدأت اعداد متنامية من المصريين الذين يعملون في السعودية الترويج للتفسيرات المتشددة للاسلام لدى عودتهم الى مصر.
واعتاد اغلب المصريين ان يقولوا "العفو" عندما يشكرهم احد لكن ذلك الرد استبدل بعبارة اكثر تقوى وهي "جزاك الله خيرا".
وامتنعت بعض النسوة عن مصافحة الرجال ويقلن ان ذلك محرم. ويقول كثير من العلماء المسلمين إن اسلوب التحية يحدده المجتمع وليس الاسلام.
وكان ارتداء النساء للحجاب امرا نادرا في السبعينات لكنه اصبح شائعا حاليا. كما بات مشهد المنقبات اللاتي يتشحن بالسواد من رؤوسهن حتى اخمص اقدامهن مألوفا في حين تشكو غير المحجبات من تعرضهن للضغط لارتداء الحجاب.
وينتشر ارتداء النقاب بين فقراء المصريين ممن يعد الاحتشام بالنسبة لهم ضرورة في البحث عن زوج او وظيفة.
لكنه محل نزاع مرير بين المصريين الاكثر ثراء. فمؤيدو النقاب يقولون انه علاج لهوس الغرب بجسد المرأة ومفاتنها في حين يقول معارضوه انه رمز لطغيان الرجل.
ويقول طالب جامعي يدعى بلال علاء عمره 21 عاما "النقاب مظهر من مظاهر الانحطاط وعبودية المرأة.
"الاسلاميين خايفين من التطور على قوتهم... عاوزين يأسلموا كل حاجة من السياسة الى اللبس."
ومضى يقول "هو ده اللي الاسلاميين عملوه... بيخلوا الناس تحس انها غلط لو عملت حاجة معينة او علشان لبست حاجة... كدة (على هذا النحو) وقدروا يأثروا على الناس."
وتعارضه في الرأي سارة المشد التي ترتدي النقاب.
وقالت المشد البالغة من العمر 28 عاما وهي ام لثلاثة اطفال وتعمل في مجال العلاقات العامة "النقاب كويس في مجتمعنا. النهاردة الناس فيه بيحكم عليها من شكلها."
ورفعت مجموعة من الطالبات المنتقبات العام الماضي دعوى قضائية ضد مؤسسة تعليمية مصرية بارزة لحظرها دخول المنتقبات قاعات الدرس.
وخلافا لمؤسسات الدولة بدأ الفصل بين الرجال والنساء يظهر مع تنامي شعبية سيارات الاجرة الخاصة بالنساء والشواطئ التي لا يرتادها غيرهن.
وتستبدل بعض المنتقبات في شواطئ النساء بمنتجع مارينا الفخم على البحر المتوسط ملابسهن السوداء بلباس البحر كما يشاركن في حفلات رقص للنساء فقط وفي مسابقات الجمال.
وقالت خديجة سمير وهي محجبة تعمل مساعدة ادارية وتبلغ من العمر 21 عاما ان الشواطئ الخاصة بالنساء "هي الاماكن الوحيدة التي اقدر اروحها واكون على حريتي... ارقص... استمتع وهذا يتماشى مع معتقداتي الدينية."
واضافت "الاماكن اللي فيها اختلاط ممتعة لكن لا اشعر انه صح اني اعمل نفس الاشياء (الرقص وتعرية الجسم) هناك."
واطلقت مجموعة تعرف باسم (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية) حملة مناهضة للطائفية هذا الشهر. وقال منظمون انهم يخشون من "زيادة الانقسامات الاجتماعية والتوتر الطائفي وعقلية تقسم المجتمع الى 'نحن' و 'هم'."
وتقول الامم المتحدة ان عدد الاميين يزيد عن 30 في المئة من سكان مصر البالغ عددهم 78 مليون نسمة ويعيش 20 في المئة منهم على اقل من دولار في اليوم.
وقال المحامي والناشط الحقوقي نجاد البرعي ان تصاعد التيار الاجتماعي المتحفظ يرجع الى تردي الظروف المعيشية وضعف مستوى التعليم وسوء حالة البنية الاساسية للنقل وهي امور افرزت عقلية الجيتو.
وقال البرعي "احنا مش عارفين احنا عاوزين نبقى جزء من العالم المتحضر ولا عاوزين نقفل على نفسنا بحجة الحفاظ على الهوية والدين.
"وهذا اسوأ ما عمله النظام... هو سرق روح الناس وعمل تشوه فكري وثقافي."
واضاف بقوله "المؤسسات الدينية استفادت في المناخ ده... لان مثلا لما لقت (وجدت) هناك بطالة...بدل ما تحارب ده قالت للست (المرأة) اقعدي في البيت."
وتنظر مصر وهي حليف قوي للغرب بعين الحذر للجماعات الدينية المتطرفة منذ اغتيال الرئيس انور السادات عام 1981 على يد متشددين اسلاميين. وحاربت الحكومة تمردا اسلاميا محدود النطاق في التسعينات.
ويمنح قانون الطوارئ المطبق منذ تولي الرئيس حسني مبارك الحكم قبل 29 عاما الحكومة سلطات هائلة لقمع المعارضة وكبح جماح جماعات مثل الاخوان المسلمين اكبر جماعة معارضة في مصر.
لكن المحللين يقولون ان الحكومة لا تبذل جهدا كبيرا لوقف المد المحافظ لانها تستغل الدين نفسه لاكتساب مشروعيتها.
وقال المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح "يوظف بعض الجماعات الاسلامية السياسة والنظام الحاكم الشعارات الدينية لجذب المصريين والتأثير عليهم مع عدم وجود نظام ديمقراطي.
"الدين جزء من اللعبة السياسية في مصر. فمعظم التشريعات مأخوذة من الاسلام... رؤساء مصر على مر العصور استخدموا عبارات اسلامية في خطاباتهم وقت الحروب والازمات للتأثير على الشعب المصري."